أشخاص يفضلون الحياة النمطية دون تجديد

قد تفرض علينا الحياة انماطا محددة من المعيشة بسبب طبيعة الوظيفة وطبيعة الشخصية وطريقة تكيفها مع متطلبات الحياة، الا ان هنالك اشخاصا لا يتكيفون فقط مع الحياة بل انهم ايضاً يصبح لديهم ادمان محدد لطقوس يجب ان يعيشوها بشكل يومي، ولا يستطيعون الاستغناء عنها، ويصعب على الاخرين كسر هذه العادات والانماط من السلوك، لتصبح النتيجة انهم بصعوبة يندمجون معهم، هذه الانماط السلوكية قد تسبب العزلة الاجتماعية وبعض المشاكل بالاضافة الى ان الاخرين قد لا يتقبلون هذه الانماط.

تقتل الانسان

تقول يارا حمد: إن هذه النمطية قد تقتل الانسان، وتصيب من حوله بالملل، وهذا هو ما نشعر به تجاه والدي، ومن المستحيل ان نعمل على تغيير نظامه، في الصباح لديه عادة بان يشرب قهوة مع والدتي، وبعد الغداء يجب ان يأخذ قيلولة، وهنا تكمن المشكلة في قيلولة ما بعد الغداء، لانه من الممكن ان يكون لدينا ضيوف في المنزل، وفعليا والدي ان لم ينم، يصبح مزاجه معكراً ولا يستطيع اخفاء ملامح وجهه التي تنم عن الارهاق ورغبته بالنوم».

وتضيف حمد:» قيلولة النوم هذه تسبب الكثير من المشاكل بين امي و ابي؛ لأن امي الى هذه اللحظة لم تعتد على عادات والدي وتحاول تغييرها، ولكنه يأبى، فهذه القيلولة قد تمتد اكثر من ساعة وبحسب وجهة نظر امي ان هذه الساعة ممكن ان نستفيد منها بأشياء اخرى مثل الذهاب الى التسوق وانجاز الملفات العالقة في المنزل، ولكنه يرفض تماماً الاستغناء عن عاداته».

تواصل الاصدقاء

النمطية في السلوك، لا يكتسبها الانسان بشكل مفاجئ، وليست وليدة اللحظة، بل انها قد تنتقل الى الشخص من خلال الاصدقاء، يقول كمال محمد: «منذ مدة طويلة انا واصدقائي حددنا يومين في الاسبوع من اجل اللقاء والتحاور في قضايا مختلفة؛ يوم الثلاثاء نذهب الى السينما لمشاهدة فيلم وثائقي او فيلم يجسد قضية معينة، و يوم الخميس يجب ان نلتقي في أحد مقاهي وسط البلد من اجل شرب القهوة و التحدث في شؤون السياسية وماذا يحدث من اخبار تحيط بنا».

ويضيف محمد:» لقد اعتدت هذه النمطية، وعائلتي اصبحت تعرف ان ثمة يومين في الاسبوع يجب ان اقضي فيهما وقتي مع الاصدقاء، للترفيه عن نفسي و لقاء اصدقائي وايضاً اكتساب المعلومات والتحاور بمختلف المواضيع، عدد اصدقائي لا يعتبر قليلا وحافظنا على مواعيدنا بشكل ثابت، الا انه قد تحدث ظروف تمنع الانسان من الالتزام بمثل هذه الايام، ولكننا متفقون على ان هذه المواعيد يجب ان لا نهملها حتى يظل هنالك تواصل دائم بيننا».

انزعاج دائم

النمطية تصبح مزعجة بالنسبة للعائلة، والاشخاص الذين لهم تواصل مباشر مع هذا الشخص، تقول سامية ابراهيم: «انني منزعجة جداً من عادات زوجي التي لا يستطيع التخلي عنها؛ بالرغم من الظروف الجديدة التي طرأت علينا الا انه لا يأبه، وهي أن اصحابه يأتون كل يوم خميس الى المنزل من اجل التواصل لساعات طويلة، وتناول الشاي ولعب «الشدة» بشكل دائم، وكل يوم اربعاء اخبره انني غير سعيدة بهذا اللقاء ولكن لا يهمه».

وتضيف ابراهيم: «انني اقضي كل يوم جمعة في ترتيب المنزل وتنظيفه جراء استقباله اصدقاءه، لقد نصحته يوماً بأن يذهبوا الى احد المقاهي، الا انه رفض تماماً، اعتبر ان ما يحدث ما هو الا ادمان، واذا خسر في رهانه مع اصحابه فإنه يصبح غاضباً وهذا الغضب ينصب علي وعلى العائلة، انني لا ارفض أن يرفّه الزوج عن نفسه ولكن دون ادمانٍ لنمط حياة لا يستطيع ان يستغني عنه ومن الممكن ان يؤجل قضايا مهمة من اجل روتينه المعتاد عليه».

كسر الروتين

وتقول الاخصائية الاجتماعية رانية الحاج علي :» هذا الروتين او النمطية في السلوك يأتي نتيجة عوامل عديدة، وقد نجد هذه النمطية في السلوك موجودة اكثر شيء عند كبار السن وليس الشباب، وخصوصا في سن التقاعد اذ تصبح لديهم عادات معينة لا يستطيعون الاستغناء عنها، الا ان هذه النمطية قد تؤدي الى روتين في طريقة الحياة وهذا ينتج عنه الشعور بالملل بين افراد العائلة وخصوصاً الزوجين، ولذلك يجب الاهتمام بكسر هذه الانماط اذا كانت محصلتها العديد من المشاكل. ويسهم الروتين في تسيير حياة الكثير من الأشخاص، لا سيما كبار السن، إلا أنه لا يعمل على تنشيط العمليات الذهنية في المخ إلا على نحو ضئيل للغاية.

ويجب الاهتمام بإدخال بعض التغييرات البسيطة على مهام الحياة اليومية، لأن من شأن ذلك أن يعمل على تحفيز الخلايا العصبية بالمخ؛ ما يُسهم بطبيعة الحال في تنشيطه، ويجب مشاركة افراد العائلة بهذا النمط السلوكي، من اجل الاستمتاع الجماعي وحتى يصبح هنالك ادراك لاهمية هذا النمط والتكيف معه، إن هذه الطريقة يُمكن أن تُساعد أيضا على تحفيز العمليات الذهنية.
التاريخ : 23-03-2013

» خلافات الازواج .. «ملح الحياة» الذي لا بد منه
»  "الحسد" .."أبو الشرور" الذي ينغص الحياة !! 
» جزر آسيوية لحياة هنيئة هادئة لا تعكر صفوها صخب الحياة